إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده
شفاء العليل شرح منار السبيل
217494 مشاهدة
شرب دواء مباح يمنع الشاب الأعزب الجماع

قوله: أو يجوز للرجل شرب دواء مباح يمنع الجماع ؛ لأنه حق له.


الشرح: قد يحتاج الشاب إذا لم يكن متزوجا ما يكسر حدة الشهوة عنده، وقد أرشده النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى الصوم فقال: يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء لكن قد لا يخفف الصوم من حدة الشهوة عند بعض الناس، فلأجل ذلك قد يحتاج إلى شرب دواء لتخفيف الشهوة، أو لتقليلها حتى لا يقع في الزنا، أو التطلع إلى العورات، أو ما أشبه ذلك، فيجوز له أن يتعاطى دواء لمنع الجماع، أو لتخفيف حدة شهوته التي قد يتضرر بها؛ لأن ذلك حق له.
فإذا لم يذهب ذلك إلا بالوطء فإن بعض الشباب يلجأ إلى الاستمناء، المسمى بالعادة السرية، والجمهور عل أن ذلك محرم وداخل في النهي لقوله تعالى: وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ .
وأجاز ذلك الإمام أحمد في رواية عنه لمن يخاف على نفسه الوقوع في الزنا؛ لأن بعض الشر أهون من بعض، ولأن ارتكاب أدنى المفسدتين أولى من ارتكاب أعلاهما، وسيأتي حكم المسألة في كتاب النكاح- إن شاء الله- .
وعلى كل حال: هناك علاجات وأدوية مذكورة في كتب الطب القديمة تخفف من حدة الشهوة، وقد ذكر كثيرا منها ابن القيم في عدة الصابرين وتبعه زميله ابن مفلح في الآداب الشرعية .
فإذا وجدت أدوية حديثة فيها نوع من التأثير في تخفيف الشهوة فلا بأس من استعمالها بعد أن يتحقق أنه لا ضرر فيها.
وأما قطع الجماع كليا فالصحيح أنه لا يجوز، ولأجل ذلك لم يأذن النبي -صلى الله عليه وسلم- لبعض الصحابة في الاختصاء؛ لأن فيه قطعا للشهوة كليا، فقد ثبت عن سعد بن أبي وقاص أنه قال: رد النبي -صلى الله عليه وسلم- على عثمان بن مظعون التبتل، ولو أذن له لاختصينا .
والتبتل هو الانقطاع عن الزواج، وعن الشهوة.
وعلى هذا لا يجوز للإنسان أن يقول: أنا سأتفرغ للعبادة، أو للعلم، وأنقطع عن الزواج وأتبتل؛ لأن هذا لم يأت به الشرع، والله تعالى قد أباح النكاح لأجل مصالح عديدة ليس هذا موضعها.